القيروان.. المرأة تفرض مشاركتها في تشريعية تونس (تقرير)

تخوض 237 امرأة في محافظة القيروان وسط تونس السباق، الأحد، على مقاعد مجلس نواب الشعب (217)، وهو ثاني برلمان بعد ثورة 2011.

وينص القانون الانتخابي في فصله الـ23 على مبدأ التناصف العمودي من خلال حضور المرأة في قوائم المرشحين.

ويُقصد بالتناصف العمودي أن يكون نصف تركيبة كل قائمة مكونًا من الرجال، والنصف الآخر من النساء، وهذا أمر موجب لقبول القائمة.

وللفوز بمقاعد البرلمان، تتنافس 1592 قائمة، هي: 695 قائمة حزبية، و190 قائمة ائتلافية، و707 قوائم مستقلة، تضم إجمالًا أكثر من 15 ألف مرشح.

وسجلت القيروان ترشح شابات من مستوى تعليمي واجتماعي مرتفع، منهن من تخضن تجربة الانتخابات للمرة الأولى.

** في مقاهي الرجال

تترأس هيفاء بن فرج (ثلاثينية)، عضو مؤسس في حزب “القطب” (يساري)، القائمة الانتخابية للحزب في القيروان، وهي واحدة من أربع نساء فقط يترأسن قوائم من مجموع 62 قائمة، سواء مستقلة أو حزبية أو ائتلافية.

وإجمالًا، يبلغ عدد القوائم التي تترأسها نساء 14 بالمائة فقط، وفق الهيئة العليا المستقلة للانتخابات.

وقالت هيفاء للأناضول إنّها تترشح “بهدف الارتقاء بالقيروان وظروف عيش أبنائها اقتصاديًا واجتماعيًا”، ومن أولوياتها قضايا توفير فرص عمل والاستثمار والتعليم وتحسين الخدمات الصحية.

وتعمل هيفاء على تفعيل مبدأ المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات إلى حد أنها تدعم المساواة في واجب الخدمة العسكرية بين الشابات والشباب، والتي لا تزال مقتصرة على الشباب.

ورأت أن المرأة في تونس، ورغم القوانين الإصلاحية، محرومة من حقها في المشاركة في الحياة السياسية، ومشاركتها ضعيفة في اتخاذ القرار.

وتابعت: “جلست مع الرجال بالمقهى في منطقة بئر الوصفات بريف القيروان وتحاورت معهم وحظيت بقبول المواطنين والتواصل معهم”.

وشددت على أن “المواطن لا ينظر إلى جنس المترشح، وإنما إلى ما سيحقق له”.

** مواقع اتخاذ القرار

نورهان العكرمي شابة في العقد الثالث، باحثة بصدد إعداد أطروحة الدكتوراه في المجال الدبلوماسي، واختارها حزب “البديل” (ليبرالي) لتكون في المركز الثاني بقائمته الانتخابية، بفضل سيرتها الذاتية الزاخرة بالشهادات الأكاديمية والأنشطة المدنية والرياضية.

وقالت نورهان للأناضول إن حضور المرأة في المشهد السياسي ما يزال “شكليًا وتكميليًا”، فنسبة ارتقاء النساء إلى الخطط الوظيفية في تونس لا تتعدى 30 بالمائة، وما تزال تواجه صعوبات وتهميش.

واختارت نورهان الترشح للانتخابات من منطلق “المسؤولية الوطنية والمجتمعية أمام تردي الوضع الاقتصادي والاجتماعي في القيروان، وخصوصًا ارتفاع نسب الفقر والأمية والبطالة والانتحار والجريمة، بعد أن كانت القيروان عاصمة سياسية للمغرب العربي، ومنارة الإشعاع الفكري والديني والحضاري”، وفق قولها.

وأضافت: “أحمل العديد من الأفكار والبرامج لحل بعض الأزمات؛ فالقيروان اليوم في حاجة إلى رجالها ونسائها وشبابها، وبحاجة لتجديد النخب الفكرية والسياسية حتى يعود لها بريقها وإزدهارها”.

وبجانب مشاركة المرأة، تطمح نورهان أن يصبح الشباب قوة فاعلة في المجتمع، وأن يتأهل للقيادة وصنع القرارات، عبر مشاركتهم في الحياة السياسية.

كما تطمح أن تكون المرأة القيروانية في صلب مواقع اتخاذ القرار؛ لتتمكن من طرح قضايا جهتها، وتجد البدائل والحلول لملفات التنمية، حسب قولها.

** حسن استثمار الموارد

بالرغبة نفسها في تغيير الواقع التنموي المتردي، ترشحت كوثر السالمي (40 عامًا) لأوّل مرّة، وهي خريجة علوم سياسية، ضمن القائمة المستقلة “نداء القيروان”.

كوثر قالت للأناضول: “أردت من هذا الترشح إيصال صوتي وأصوات المواطنين في معتمدية العلا التي ولدت فيها، وهي منطقة بالقيروان، وتحدث جميع المرشحين للانتخابات الرئاسية والتشريعية عن وَاقع أهلها الصعب تنمويًا واجتماعيًا واقتصاديًا”.

وتشهد تونس في 13 أكتوبر/ تشرين أول الجاري دورًا ثانيًا من انتخابات رئاسية بين المرشحين قيس سعيد (مستقل)، ونبيل القروي (حزب قلب تونس).

ورأت أنه يمكن حل مشاكل المنطقة عبر حسن استثمار الموارد البشرية والطبيعة، ومنها شجرة الزيتون.

وتابعت: “وضعت أول موضع قدم في الحياة السياسية واقترحت بعض البرامج العملية للتواصل مع مشاغل المواطنين ومعالجتها، واعتبر نفسي قادرة على تقديم الإضافة”.

** استحقاق ومساواة

قالت ناهد الطويلي، كاتبة عامة للمنظمة الدولية للقيادات الشبابية، أن المرأة التونسية حاضرة بقوة في الانتخابات التشريعية، بفضل مبدأ المناصفة، وتسعى إلى أن تكون فاعلة، وفي مواقع القرار، وسط مجتمع يوصف بأنه ذكوري.

وتابعت للأناضول أن المرأة التونسية فرضت وجودها في المؤسسات العامة وفي مجالات عديدة بالعمل النزيه والفاعل.

فيما قالت ماجدة مستور، محامية وناشطة حقوقية، كاتب عام منظمة المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية بالقيروان، إنه يجب أن تتوفر عدة شروط في المرأة لتكون ضمن قائمة انتخابية.

وأوضحت ماجدة، محامية معتمدة لدى الهيئة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر، للأناضول، أن من تلك الشروط: “الدراية الجيدة بالشأن السياسي والكفاءة وتقديم الإضافة، لكي لا يكون تواجدها تقنيًا لمجرد استيفاء شرط التناصف الذي يفرضه القانون الانتخابي”.

وأردفت أن “المرأة، في حال فوزها بالانتخابات، لابد أن تساهم مساهمة فعلية، بما لديها من مؤهلات في عمل مجلس نواب الشعب، فالمسألة هي مسألة استحقاق وقدرة على مناقشة القوانين وسنها ومساءلة الحكومة”.

وزادت بأن “الأمر يتطلب وعيًا ونضالًا من طرف المؤمنين حقًا بالمساواة، لتمارس المرأة حقها، ولا تكون مجرد صورة في مجتمع ذكوري يعتبر المرأة مواطن درجة ثانية”.

والبرلمان المقبل سيكون ثاني برلمان في تونس منذ أن أطاحت ثورة شعبية في 2011 بالرئيس حينها زين العابدين بن علي (1987-2011).

وتمثل انتخابات الأحد خطوة جديدة ضمن عملية انتقال ديمقراطي سلسة تميز بها تونس مقارنة بدول عربية أخرى شهدت أيضًا ثورات شعبية أطاحت بأنظمتها الحاكمة، ومنها مصر، اليمن وليبيا.

المصدر: وكالة الأناضول

شاهد أيضاً

عرفت تونس منذ استقلالها يوم 20 مارس/آذار 1956 الطريق إلى صناديق الاقتراع للانتخابات التشريعية والتأسيسية …